زايد لم يزرع الصحراء فحسب .... بل زرع فينا القيم والفضائل والمكارم، غرس الحب والعطاء فحصد العرفان والوفاء .... بكاه البشر والشجر واشتاقت اليه كل حبة رمل خطت عليها قدمه..
Home / اخبار ال حم / مسلم بن حم: زايــــد أحب الناس بصدق فأحبوه

مسلم بن حم: زايــــد أحب الناس بصدق فأحبوه

الشيخ زايد….. اعتاد الخروج مبكراً مع العمال ليشاركهم زراعة النخيل، وكان حريصا على العمل بيده… وتمتع بحكمة وعزيمة وبصيرة نافذة فكان الصدق سر نجاحه

 

قال عضو المجلس الاستشاري الوطني في إمارة أبوظبي، رئيس مجلس إدارة مجموعة بن حم، الشيخ مسلم بن سالم بن حم العامري، إن «المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كان بمثابة الأب لكل من حوله، وجميع أبناء البلد، ولم يكن يبخل على أحد بالنصح أو المساعدة، سواء المادية أو المعنوية، فقد أحب الناس بصدق فأحبوه»، مشيراً إلى أن «ما حققه زايد من إنجازات يرجع إلى التوفيق من الله أولاً، ثم ما كان يتمتع به من صدق في العمل، وحكمة وعزيمة وبصيرة نافذة وبديهة سريعة، إضافة إلى حرصه على العمل بيديه، ومتابعة كل ما يجري تنفيذه من مشروعات بنفسه».

وأشار الشيخ مسلم بن حم، في حواره مع «الإمارات اليوم»، إلى أن «الشيخ زايد، طيب الله ثراه، منذ أن كان حاكماً للعين وممثلاً لحاكم إمارة أبوظبي في المنطقة الشرقية، كان يحرص على أن يشارك بنفسه في العمل على مشروعات تطوير الحياة في العين، فكان يخرج من الصباح الباكر مع العاملين معه، ويشاركهم فصل فسائل النخيل وزراعتها، ويراقب بنفسه كل ما يتم من عمل في مشروعات توفير المياه وإعادة تأهيل الأفلاج، التي كانت تستخدم في الري، وفي وقت الظهيرة كان يؤمن لهم ما يحتاجونه من طعام وشراب بنفسه، خصوصاً أن كل شيء كان شحيحاً في ذلك الوقت».

وأضاف: «رغم إنني كنت طفلاً في ذلك الوقت، إلا أنني أذكر الشيخ زايد وهو يمسك بيده أدوات الزراعة وتقليم الأشجار، ويعمل بنفسه مع الآخرين، كما شاهدته في إحدى المرات والدماء تغطي يديه، بعد أن جرحتها أشواك شجرة كان يقلمها، ورغم محاولات العاملين معه إكمال العمل عنه، إلا أنه أصر على إتمام ما يقوم به بنفسه، كذلك كان يحرص على وجود أدوات تقليم الأشجار في سيارته دائماً، وعندما يرى شجرة تحتاج إلى تقليم وتهذيب على الطريق يتوقف ويقوم بتقليمها حتى لا تحجب الرؤية عن مستخدمي الطريق، أو تتسبب في أضرار، ثم يواصل طريقه».

اهتمام بالزراعة

 وتطرق بن حم إلى أن «المغفور له الشيخ زايد كان يهتم بالزراعة بشكل عام، والنخيل خصوصاً، وكان يدعم ويشجع الأفكار أو المشروعات المفيدة التي تعرض عليه في هذا المجال، وهو ما حدث معه»، موضحاً: «كنت أعمل على مشروع مرتبط بأكثر شيء يحبه زايد، وهو النخلة، وهو مشروع يقوم على استزراع الفسائل عن طريق الأنسجة، وعندما سمع، رحمه الله، عن المشروع فرح به، لاسيما أن المشروع يمكن أن يوفر النوع الذي يريده من النخيل، وقال لي (خذ ورقة وقلماً واكتب ما نبغيه)، وأخذ يملي عليّ أسماء ما يقارب الـ12 نوعاً من التمور الممتازة، مثل الخلاص وبومعان وغيرهما»،

مشيراً إلى أن «كل نوع كان يحتاج 10 آلاف نخلة، وهو عدد كبير في ذلك الوقت، وانطلقنا في تنفيذ العمل المطلوب، حيث تم إجراء الاختبارات في مختبرات في بريطانيا، وبعد ذلك تم نقل الفسائل إلى العين ووضعها هناك لمدة ستة أشهر في بيوت بلاستيكية، ثم نقلها في الطبيعة لمدة ستة شهور أخرى، بعد ذلك تتم زراعتها بطريقة عادية، وتحتاج من عامين إلى ثلاث سنوات لتثمر، بينما يثمر النخل العادي بعد أربع سنوات، وبعد نجاح هذه التجربة أمر الشيخ زايد بإنشاء مختبرات لزراعة النخيل بالأنسجة في الدولة، وكلف جامعة الإمارات هذا الأمر».

ولفت إلى أن «زايد كانت له نظرة في كل شيء، وليس في زراعة النخيل فحسب، فحبه للزراعة حدّ من قطع الأشجار، فلا يمكن قطع أشجار الغاف مهما بدا تأثير وجودها سلبياً، إلا بإذنه، وكان يفضّل هدم بناية على قطع شجرة، وهناك العديد من المشروعات والأفكار الجديدة التي دعمها الشيخ زايد، رغم الآراء التي كانت ترى عدم جدواها، وبالفعل أثبت الوقت بُعد نظره وقدرته على التفكير المستقبلي، مثل استصلاح وزراعة الأراضي في جزيرة صير بني ياس، وكذلك في المبزرة وجبل حفيت في العين، والتي كانت عبارة عن مناطق مغبرة وصحراوية لا نبات فيها ولا حياة، والآن أصبحت من أهم المواقع السياحية في العين، بفضل جهود زايد، والأمر نفسه ينطبق على العين الفايضة، التي كان البعض يرى أن لا فائدة منها، ولكن زايد أصر على حفرها، والآن تعد من المزارات المهمة في العين أيضاً».

 

القرب من الناس

 

وقال بن حم إن «الشيخ زايد، رحمه الله، كان يتعامل مع قضايا المجتمع وخطط تطويره مثل الطبيب النفسي أو المستشار الاجتماعي، الذي يعمل على تفكيك المشكلة وإيجاد حلول لها تتناسب مع طبيعة الحياة وظروف الناس، فمن أجل تشجيع التعليم شيّد مدارس في المناطق البعيدة، وخصص رواتب للطلبة، كما كان يتم دفع مقابل مادي للأب الذي يقوم بتوصيل أبنائه إلى المدرسة بسيارته، ولولا هذه الخطوات ما قبل البدو إرسال أبنائهم مسافات طويلة للذهاب للمدرسة ويتركوا الإبل والماشية ورعايتها، كما كان الشيخ زايد حريصاً على أن يكون قريباً من الناس، وأن يتحدث معهم ببساطة في مختلف شؤونهم، ويناقشهم فيها، ويقدم لهم نصائح، فكانوا يشعرون بأنه واحداً منهم، وهذا سر تعلقهم به وحبهم له».

وأضاف: «عندما كنا في المقناص، وكانت ترده الرسائل والأخبار، كان، رحمه الله، في الليل يسلط ضوء المصباح اليدوي (بجلي) عليها ليقرأها، إذ لم يكن في المقناص كهرباء وأنوار في تلك الفترة، وبمجرد علمه بمحتوى الرسائل أو الأخبار، كان يُجري الاتصال، وتُحل المشكلة، مهما كان حجمها، بلا تأخير أو تعطيل».

 

فرحة الاتحاد

 عن ذكرياته المرتبطة بقيام الاتحاد، أشار مسلم بن حم إلى أنه «كان صغيراً عندما حضر مع والده جلسات مختلفة، كان يجتمع فيها الشيخ زايد مع حكام الإمارات لبحث الاتحاد، وكانت تقام في منطقة الخوانيج في دبي، وكانت هذه الجلسات والاجتماعات مثل العرس بالنسبة لنا، فقد كانت تسيطر على الجميع مشاعر الحماس والفرح بالمستقبل الذي يمكن أن تسفر عنه هذه اللقاءات، وكان حديث الشيخ زايد خلالها حديثاً صريحاً وصادقاً، ويحمل قدراً كبيراً من الإقناع والقبول، أما لحظة إعلان قيام الاتحاد فكانت فرحة كبيرة للجميع»، لافتاً إلى أنه «فور قيام الاتحاد انطلقت أعمال البناء والتشييد».

وقال: «قضى زايد سنوات طويلة يعمل ويشرف بجد على كل ما يجري من مشروعات في الدولة، وبينما كان الناس يسافرون في الصيف خارج الدولة، كان صيف زايد كله جهداً وعملاً وتحركات مستمرة لمواقع البناء والتشييد والمزارع وغيرها من المشروعات، رغم الشمس والغبار والحر، وكان كثيراً ما يزور ليوا والعين وصير بني ياس والمناطق الشمالية، رغم حرارة الصيف».

 

 

 

 

 

فهم عميق للدين والحياة

 

ذكر الشيخ مسلم بن حم: «اعتاد الشيخ زايد، رحمه الله، أن يستضيف في شهر رمضان من كل عام نخبة من علماء الدين، من مختلف الدول العربية، لتقديم أمسيات وندوات للجمهور، بهدف نشر مفاهيم الدين الإسلامي الصحيحة، وفي إحدى المرات استضاف زايد وفد العلماء من ضيوف الدولة في مجلسه، وجلس يتناقش معهم في مختلف أمور الدين والحياة، وبعد أن انتهى اللقاء، قال أحد الضيوف: (بلد فيها مثل زايد لا تحتاج لنا في شيء)، بعد أن لمسوا ثقافته واطلاعه على مختلف القضايا، وعمق فهمه للدين والحياة».

 

درج مدرسة

أكد الشيخ مسلم بن حم أن هناك الكثير من المواقف التي يحتفظ بها في ذاكرته عن الشيخ زايد، طيب الله ثراه، وهذه المواقف كانت تعبر عن صفات استثنائية لا تتوافر لدى كثيرين، متوقفاً أمام موقف يدل على ما كان يتمتع به، رحمه الله، من قوة ملاحظة وسرعة بديهة، حيث كان في طريقه وشاهد مدرسة تحت الإنشاء على جانب الطريق، ولاحظ أن المبنى مرتفع، وهناك درج لابد أن يمر به من يريد الدخول إلى المبنى أو الخروج منه، فأمر السائق بالتوقف، ونزل من السيارة ودخل المدرسة، وهناك سأل العاملين عن المرحلة الدراسية التي ستدرس في المدرسة، وعندما علم أنها المرحلة الابتدائية، طلب من القائمين على المشروع إلغاء الدرج، وخفض مدخل المبنى، حتى يستطيع التلاميذ الدخول بسهولة، خوفاً عليهم من خطر التدافع والسقوط من أعلى الدرج».

حمامة جريحة

قال بن حم إن عطف زايد وكرمه لم يقتصر على الإنسان فقط، ولكنه طال الطيور والحيوانات، مدللاً على ذلك بموقف كان شاهداً عليه، حيث كان الشيخ زايد في سيارته، وفجأة أشار للسائق بالتوقف، وأوقف السيارات المصاحبة له، ما أثار دهشة واستغراب مرافقيه، ولكنهم أدركوا أنه قام بذلك بعد أن شاهد حمامة جريحة ملقاة على الأرض، وخاف عليها من الدهس، وأمر شخصاً من مرافقيه بإحضار الحمامة وعلاجها.

 

مسلم بن حم:

كان الشيخ زايد يتوقف على الطريق ويقلم الأشجار حتى لا تحجب الرؤية عن الناس.

حب القائد المؤسس للزراعة حدّ من قطع الأشجار، فلا يمكن قطعها مهما كان وجودها سلبياً.

 

Check Also

مسلم بن حم يستقبل وفداً من الهلال الأحمر الإماراتي

مسلم بن حم يستقبل وفداً من الهلال الأحمر الإماراتي

الاتحاد – العين استقبل الشيخ مسلم بن حم العامري عضو المجلس الاستشاري الوطني لإمارة أبوظبي …